قال الشيخ المراغي : و ما غلب المسلمون فى العصور الأخيرة وذهب أكثر
ملكهم إلا لأنهم تركوا الاهتداء بهدى دينهم وتركوا الاستعداد المادي والحربي الذي
طلبه الله بقوله: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾
واتكلوا على خوارق العادات وقراءة الأحاديث
والدعوات، وذلك ما لم يشرعه الله ولم يعمل به رسوله- إلى أنهم تركوا العدل
والفضائل وسنن الله فى الاجتماع التي انتصر بها السلف الصالح، وأنفقوا أموال الأمة
والدولة فيما حرم الله عليهم من الإسراف فى شهواتهم .
وعلى العكس من ذلك اتبع الإفرنج تعاليم الإسلام فاستعدوا
للحرب واتبعوا سنن الله فى العمران فرجحت كفّتهم، ولله الأمر .
وما مكّن الله لسلف المسلمين من فتح بلاد كسرى وقيصر
وغيرهما من البلاد إلا لما أصاب أهلها من الشرك وفساد العقائد فى الآداب ومساوى
الأخلاق والعادات والانغماس فى الشهوات واتباع سلطان البدع والخرافات- فجاء
الإسلام وأزال كل هذا واستبدل التوحيد والفضائل بها، ومن ثم نصر الله أهله على
الأمم كلها.
ولما أضاع جمهرة المسلمين هذه الفضائل واتبعوا سنن من
قبلهم فى اتباع البدع والرذائل وقد حذرهم الإسلام من ذلك، ثم قصروا فى الاستعداد
المادي والحربي للنصر فى الحرب عاد الغلب عليهم لغيرهم ومكنّ لسواهم فى الأرض: ﴿ وَلَقَدْ
كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ
الصَّالِحُونَ ﴾ أي الصالحون لاستعمارها والانتفاع بما أودع فيها من
كنوز وخيرات ( تفسير
المراغي 9/ 208 – 209 ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق