السبت، 23 فبراير 2013

ما الدليل على عدم تحريف القرآن الكريم ؟‏

ما الدليل على عدم تحريف القرآن الكريم ؟ د.ربيع أحمد
قال تعالى : ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ ( الحجر الآية 9 ) ، أي : وَإِنَّا لِلْقُرْآنِ لَحَافِظُونَ مِنْ أَنْ يُزَادَ فِيهِ بَاطِلٌ مَا لَيْسَ مِنْهُ، أَوْ يَنْقُصُ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْهُ مِنْ أَحْكَامِهِ وَحُدُودِهِ وَفَرَائِضِهِ .
و هذه الآية نص في أن الله – سبحانه و تعالى - تولى حفظ القرآن من التحريف و التغيير و الزيادة و النقصان .
و ما حفظه الله فإنه لا يستطيع أحد أن يضيعه ، و مادام الذي تعهد حفظ القرآن هو الله فلن يقدر أحد على تَغْيِير كلمة وَاحِدَة من القرآن أو زيادة كلمة أو نقصان كلمة رغم كَثْرَة من سعى فِي ذلك .
و قال تعالى : ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ ( سورة فصلت الآيات 41 – 42 ) أي : لا يقربه شيطان من شياطين الإنس والجن، لا بسرقة، ولا بإدخال ما ليس منه به، ولا بزيادة ولا نقص، فهو محفوظ في تنزيله، محفوظة ألفاظه ومعانيه، قد تكفل من أنزله بحفظه .
وقال الطبري : « لَا يَسْتَطِيعُ ذُو بَاطِلٍ بِكَيْدِهِ تَغْيِيرَهُ بِكَيْدِهِ، وَتَبْدِيلَ شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهِ عَمَّا هُوَ بِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الْإِتْيَانُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَلَا إِلْحَاقَ مَا لَيْسَ مِنْهُ فِيهِ، وَذَلِكَ إِتْيَانُهُ مِنْ خَلْفِهِ » .
و هذه الآية نص في عدم تحريف القرآن و عدم تبديله ؛ لأن التحريف و التبديل من أظهر الباطل ، و القرآن لا يأتيه الباطل .
و قال تعالى : ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ﴾ ( سورة آل عمران الآية 103 ) و الاعتصام بالكتاب يستلزم عدم تحريفه و تبديله و نقصه إذ لو كان القرآن سيحرف أو يبدل لما كان للأمر بالاعتصام بالقرآن معنى إذ لا يجوز على الله – عز وجل - أن يأمر الناس بالاعتصام و التمسك بالقران بما لا يقدرون علی الاعتصام و التمسّك به .
و قال تعالى : ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ ( سورة النساء من الآية 59 ) و الأمر بالرد للكتاب و السنة يستلزم حفظ الكتاب و السنة إذ لا معنى للرد للكتاب و السنة لفض النزاع و هما غير محفوظين .
و قَالَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللهِ » ، و هذا يقتضي أن يكون كل القرآن الكريم قد كتب في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتّى يصحّ إطلاق اسم الكتاب عليه ، ويقتضي أيضاً وجود القرآن كما كان في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ليحصل به الهداية من الضلال إذ لا معنى للأمر بالتمسّك بالقرآن ، والقرآن سيُحرّف ويبدّل في يومٍ ما أي الأمر بالتمسك بالقرآن يستلزم عدم تحريف القرآن و يستلزم عدم تبديله فلا يجوز أن يأمر الناس بالتمسّك بما لا يقدر علی التمسّك به .
و الواقع التاريخي يثبت عدم وقوع التحريف و التغيير بالقرآن الكريم فقد قيض الله – سبحانه وتعالى - للقرآن حفظة قراء في كل زمان بحيث لو زيد فيه حرف واحد لأخرجه آلاف من الأطفال الأصاغر ، فضلاً عن القراء الأكابر .
و قد كتب القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و جمع ما كتب عند أبي بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب، ثم كان المصحف الإمام الذي كتب في خلافة عثمان بن عفان كما هو معلوم، فحفظ القرآن في السطور و حفظ في الصدور على مر القرون .
و العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام، والكتب كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة، فإن الغاية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم تبلغه فيما ذكرناه ؛ لأن القرآن مفخر النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد .
 
و العلم بتفصيل القرآن و أبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه والمزني فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها حتى لو أن مدخلا أدخل في كتاب سيبويه بابا من النحو ليس من الكتاب لعرف وميزانه ملحوق وأنه ليس من أصل الكتاب وكذا القول في كتاب المزني ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء  .
 
وانظر اليوم في هذا العالم شرقه وغربه لترى العدد الهائل الذي يحفظ القرآن عن ظهر قلب  ، بحيث لو شاء ملحد أو يهودي أو صليبي تغيير حرف منه فإنّ صبياً صغيراً، أو ربة بيت، أو عجوزاً لا يبصر طريقه - يستطيعون الردّ عليه وبيان خطئه، وافترائه، ناهيك عن العلماء الذين حفظه وفقهوا معانيه، وتشبعوا بعلومه .
 

 

هل وجود نسخة من القرآن تخالف المصحف العثماني يقدح في المصحف العثماني ؟‏

هل وجود نسخة من القرآن تخالف المصحف العثماني يقدح في المصحف العثماني ؟ 
أثار بعض المغرضين ضجة عندما وجدوا نسخة مزعومة من القران في اليمن و الهند تخالف المصحف الموجود بيننا اليوم و هذا لجهلهم بتاريخ القرآن و علوم القرآن إذ لو جئنا إلى آية من القرآن فذهبنا إلى الهند أو الصين أو أدغال أفريقيا أو إلى أي مكان يوجد فيه مسلمون لوجدنا هذه الآية نفسها يوجد الكثير من المسلمين يحفظها أو على الأقل نجدها في المصحف الذي عندهم لم يتغير منها حرف فما قيمة نسخة مجهولة في الهند أو اليمن تعود للقرون كثيرة بعد كتابة المصحف العثماني ، والقرآن يؤخذ بالسماع و التلقي ثقة عن ثقة وإماما عن إمام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – و لا يؤخذ بالكتابة ؟!!

و لو جئنا إلى كتاب من كتب العلم الموثوقة لمؤلِّفين معروفين مثلا كتاب للدكتور إبراهيم الفقي، ولهذا الكتاب نسخ كثيرة في العالم ، كلها على نسقٍ واحدٍ ، ثم ادَّعى مدَّعٍ وجود نسخة من هذا الكتاب في بلدٍ ما ، وفيها زيادات أو نقص عما في نسخهم ، فهل يعتد بها أحد ؟!!