الخميس، 8 ديسمبر 2016

موقع المختار الإسلامي - مغالطات أكذوبة أن الكون نشأ من العدم بنفسه بدعوى أن مجموع طاقة الكون صفر

موقع المختار الإسلامي - مغالطات أكذوبة أن الكون نشأ من العدم بنفسه بدعوى أن مجموع طاقة الكون صفر








مغالطات أكذوبة أن الكون نشأ من العدم بنفسه بدعوى أن مجموع طاقة الكون صفر







الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل صحيح وادعاءات بلا مستند راجح ، ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى ومغالطة تلو المغالطة و دعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

ومن المغالطات التي يدعيها الملاحدة هداهم الله دعواهم أن الكون نشأ من العدم بنفسه دون الحاجة إلى خالق بدعوى أن مجموع طاقة الكون صفر ,ويزعمون أن الكون طبقا لمشاهدات يحتوي علي طاقة كلية تساوي الصفر وبالتالي – على حد زعمهم - لا يلزمه خالق بل يدعون أن من أكبر الأدلة علي عدم وجود خالق أن كوننا طاقة المحصلة صفر وجد من لا شيء ،ومنهم من يردد - بلا وعي - أن الكون بكامله هو مثل طاقة الفراغ لا شيء ،و من لاشيء و محصلته صفر ، و أحدهم سأل في دهشة : لماذا علينا أن نؤمن بوجود الخالق إذا كان الكون هو صورة من صور العدم ولا يحتاج إلى إضافة أو سحب طاقة لينشأ ؟ وإذا سألتهم عن الدليل سمعت منهم عجبا سمعتهم يزعمون أن الكون بكامله مسطح ،ومن ثم يستنتجون أن الطاقة السالبة في الكون تساوي الطاقة الموجبة ،ومن ثم يستنتجون أن الكون ظهر من لا طاقة ،وليس بحاجة لخالق لظهوره .

وكلام الملاحدة هداهم الله عند أدنى تأمل يخالف ما تسلم به العقول السليمة و الفطر المستقيمة ،ولا يقول به إلا مجنون أو جاهل أو صاحب غرض ،و كل ما يخالف العقول السليمة يرد و لا يقبل و يطوى و لا يروى فانظر رحمك الله إلى مدى اللامنطقية عند الملاحدة إذ يتحدثون بلسان العلم عن كيفية نشأة الكون دون الحاجة لخالق رغم أن نشأة الكون تطوي في معناها وجود فاعل منشئ للكون ،و العلم بوجود خالق منشئ للكون كالعلم بوجود كاتب للكتابة و بانٍ للبناء و مؤثر للأثر وفاعل للفعل ومحدث للحدث ،وهذه القضايا الجزئية المعينة لا يشك فيها أحد من العقلاء .

وزعمهم أن الكون نشأ من العدم بنفسه يستلزم أن الكون علة لنفسه و سبب لوجود نفسه ،ولو كان الكون سبب لوجود نفسه لكان موجودا قبل أن توجد نفسه ،وهذا محال عند العقلاء .
و معنى زعمهم أن الكون نشأ من العدم بنفسه أن الكون لم يكن شيئا ثم أصبح شيئا بنفسه أي الملاحدة يدعون أن اللاشيء يمكن أن يتحول إلى شيء بنفسه وكأن العدم عند الملاحدة له القدرة على الفعل و القدرة على الإنشاء و الإيجاد ، ومن البديهيات أن العدم أو اللاشيء لا يمكن أن ينتج شيئا ، وفاقد الشيء إذا كان لا يملكه ولا يملك أسبابه لا يعطيه فكيف يعطي العدم الوجود ؟!!، و كيف يعطي اللاشيء شيئا ؟!!

ولعل القاريء لاحظ اللا علمية في دعواهم أن الكون بكامله هو مثل طاقة الفراغ لا شيء ،و من لاشيء و محصلته صفر إذ لو كان الكون مثل طاقة الفراغ لكان شيئا ،و ليس لا شيء فحسب مبدأ عدم التأكد لهيزنبرج يستحيل أن يخلو الفراغ من الطاقة ،وأنه سيبقى حد أدنى من الطاقة zero point energy لا يمكن النزول عنه ولا يمكن أن تصل الطاقة إلى صفر ،وهذا القدر من الطاقة يعتبر شيئا من الأشياء ،وليس لا شيئا ،وإن قال الملاحدة نقصد باللاشيء اللاشيء الفيزيائي و ليس ما هو ضد الوجود فالجواب اللاشيء الفيزيائي لا يتحول إلى شيء إلا عن طريق قوى خارجية و ليس ذاتيا من تلقاء نفسه ،و إن قال الملاحدة الجاذبية هي التي حولت الكون من لا شيء إلى شيء فالجواب لا دليل على وجود الجاذبية قبل وجود الكون ،وهل يمكن أن توجد الجاذبية دون وجود كتلة ومادة ؟! أضف إلى ذلك أن الجاذبية عبارة عن تحدب في الزمكان أي تحدب المكان و استطالة الزمان و لكي يحدث تحدب المكان و استطالة الزمان لابد من وجود قوى خارجية و مؤثر خارجي يعمل على تحدب المكان و استطالة الزمان فمن هو ؟ و أين حدث تحدب المكان و استطالة الزمان والكون لم يكن موجودا حينئذ ؟

و إن المرء ليعجب من دعوى الملاحدة أن الكون صورة من صور العدم و أنه لا شيء رغم أن الكون موجود و نحن موجودون فيه ،وإذا لم يكن الكون موجودا فأين يعيش هؤلاء الملاحدة ؟ .

والواحد منا ليعجب من دعوى الملاحدة أن الكون لا يحتاج إلى طاقة لينشأ رغم أن إنشاء الكون يعتبر حدث من الأحداث و أي حدث لا يحدث إلا إذا كان عند فاعله و محدِثه القدرة على إحداثه .

ولا علمية في قول الملاحدة أن الكون بكامله مسطح إذ كيف عرفوا أن الكون بكامله مسطح ،ولو قالوا أن الجزء المنظور من الكون مسطح حسب المعطيات العلمية الحديثة لكان مقبولا .

و إني أسأل و يحق لي أن أسأل : ما المستند العلمي في دعوى الملاحدة أن معنى تسطح الكون أن الطاقة الكلية للكون تساوي صفر ؟ ،و ما المستند العلمي في دعوى الملاحدة أن طاقة الكون الكلية تساوي صفر ؟ ،وما العلاقة بين شكل الكون و طاقة الكون الكلية ؟ و على أي أساس علمي قسم الملاحدة طاقة الكون إلى طاقة سالبة وطاقة موجبة ؟ و على أي أساس علمي تأكد الملاحدة أن الطاقة السالبة في الكون بأكمله تساوي الطاقة الموجبة ؟ و هل تساوى الطاقة السالبة في الكون للطاقة الموجبة يعني عدمية طاقة الكون و أنه لا طاقة في الكون ؟

و على التسليم أن الطاقة السالبة في الكون تساوي الطاقة الموجبة فهذا معناه أن الطاقة السالبة في الكون في حالة اتزان و تعادل مع الطاقة الموجبة ،وليس معناه أن طاقة الكون تساوي صفر ،وليس معناه أن الطاقة السالبة في الكون تلغي و تلاشي الطاقة الموجبة ،وعلى سبيل المثال لو أقيمت مباراة كرة قدم بين فريقين و كل منهما قد أحرز هدفا فنتيجة المباراة التعادل واحد : واحد و ليست النتيجة صفرا ،و كما لو كان عدد الطلاب الناجحين مساويا لعدد الطلاب الراسبين فالنتيجة خمسون في المائة و ليست صفرا .

و الزعم بأن الطاقة السالبة في الكون تساوي الطاقة الموجبة دليل على أن الطاقة السالبة في الكون تلغي و تلاشي الطاقة الموجبة زعم باطل يخالف الواقع فالجاذبية – التي تمثل الطاقة السالبة في نظرهم - مازالت موجودة حتى الآن والمادة – التي تمثل الطاقة الموجبة في نظرهم - مازالت موجودة حتى الآن فأين الطاقة الموجبة التي ألغت و لاشت الطاقة السالبة ،وأين الطاقة السالبة التي ألغت و لاشت الطاقة الموجبة ؟ و لو ألغت الطاقة السالبة الطاقة الموجبة ،وألغت الطاقة الموجبة الطاقة السالبة لما بقي في الكون طاقة و أصبحت محصلة الطاقة صفرا ،وعلى سبيل المثال لو ذاكر الطالب درسه ثم نسي كل ما ذاكره فمحصلة المذاكرة صفر و لا يوجد أثر للمذاكرة ،ولو أنجبت الأم ثلاثة أولاد ثم ماتوا فالمحصلة لديها من الأولاد صفر ،ولا يوجد أولاد لديها .

و على التسليم أن طاقة الكون الكلية - على ما يدعي البعض- تساوي صفرا فلا رابط صحيح معتبر بين كون طاقة الكون الكلية تساوي صفرا و كون الكون لا يحتاج إلى خالق إذ وجود الكون في حد ذاته آية واضحة وحجة بينة على وجود خالق له ،ولا مانع من أن يكون الخالق قد جعل طاقة الكون الكلية صفرا .

وكيف جعل الملاحدة من التوازن بين الطاقة السالبة والموجبة في الكون دليلا على عدم احتياج الكون لخالق عند تكونه و هذا التوازن بين الطاقة السالبة والموجبة حدث بعد نشأة الكون وتكونه ،وليس لديهم أي مستند علمي أن الطاقة السالبة و الطاقة الموجبة كانتا موجودتين قبل وجود الكون فضلا عن أن يكون لديهم دليل علمي أن الطاقة السالبة كانت تساوي الطاقة الموجبة قبل وجود الكون ؟!!
وإذا كانت الطاقة هي القدرة على إحداث شغل و القيام بفعل معين فالطاقة إذن صفة والصفة تحتاج إلى ذات تقوم بها فنقول في العلم مثلا طاقة الجسم كذا و الطاقة الكهربائية للجسم كذا و الطاقة الحرارية للجسم كذا فمن الذي أتى بالطاقة اللازمة لنشأة الكون قبل أن يوجد الكون ؟

والملاحدة هداهم الله توهموا أن التوازن بين الطاقة السالبة والموجبة في الكون دليل على إمكانية نشأة الكون من العدم بنفسه دون الحاجة لخالق مع أن هذا التوازن على التسليم بوجوده لا يفسر كيفية نشأة الكون من العدم بنفسه دون الحاجة لخالق ،ولا يفسر من الذي أتى بالطاقة السالبة و من الذي أتى بالطاقة الموجبة مع العلم أن وجود الطاقة قبل وجود الكون دليل واضح على وجود مصدر خارج الكون أتت الطاقة منه فمن هو هذا المصدر ؟ هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق