موقع المختار الإسلامي - فرية أن القرآن من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم -
يردد بعض المغرضين أن القرآن الكريم من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم - و ليس من عند الله ، و هذه فرية يغني فسادها عن إفسادها فالقران بشكله وعباراته وحروفه وما احتوى عليه من علوم ومعارف وأسرار وجمال بلاغي ودقة لغوية هو مما لا يدخل في قدرة بشر أن يؤلفه إذ عجز فصحاء اللغة عن الإتيان بمثله .
بالإضافة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أميا، لا يقرأ ولا يكتب و لم يتعلم في مدرسة و لم يختلط بحضارة، ولم يبرح شبه الجزيرة العربية .
و كيف برجل أمي لا يستطيع القراءة ولا الكتابة ، وقد عرف عنه هذا في قومه واشتهر به ثم مع هذا الوصف إذا به يأتينا بهذا القرآن الذي يحوي من العلوم والمعارف ما لم يعلم به جميع البشر عبر كل الأزمنة ، فمن أين لـه ذلك إذا لم يكن نبياً مرسلاً من عند الله ؟
و صدق الله القائل في القرآن : ﴿ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ (سورة العنكبوت الآية 48 ) أي : من معجزاتك البينة -أيها الرسول- أنك لم تقرأ كتابًا و لم تكتب حروفًا بيمينك قبل نزول القرآن عليك, وهم يعرفون ذلك, ولو كنت قارئًا أو كاتبًا من قبل أن يوحى إليك لشك في ذلك المبطلون, وقالوا: تعلَّمه من الكتب السابقة أو استنسخه منها .
ثم يؤكد الله - جل وعلا - على هذا المعنى ، فيأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يذكّر قومه بأنه أمي ، وهم يعرفون عنه ذلك ويعرفون نشأته بينهم في محيط البيئة الأمية و أنه قد لبث فيهم أربعين عاماً ما كان يأتيهم بمثل هذا وما كان يستطيع، فأنى له الآن معرفة هذا العلم العظيم من تلقاء نفسه قال تعالى : ﴿ قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ ( سورة يونس الآية 16 ) أي : قل لهم -أيها الرسول-: لو شاء الله ما تلوت هذا القرآن عليكم, ولا أعلمكم الله به, فاعلموا أنه الحق من الله فإنكم تعلمون أنني مكثت فيكم زمنًا طويلا من قبل أن يوحيه إليَّ ربي, ومن قبل أن أتلوه عليكم, أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر ؟ .
وكيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وعندما يخبر ببعض الأخبار يخبر أنه ليس له طريق ولا وصول إلى هذا إلا بما آتاه الله من الوحي، كمثل قوله تعالى : ﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ ( سورة القصص الآية 44 ) أي : وما كنت -أيها الرسول- بجانب الجبل الغربي من موسى إذ كلَّفناه أَمْرنا ونَهْينا, وما كنت من الشاهدين لذلك, حتى يقال: إنه وصل إليك من هذا الطريق .
ومثل قوله تعالى : ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ ( سورة ال عمرآن الآية 44 ) أي : ذلك الذي قصصناه عليك -أيها الرسول- من أخبار الغيب التي أوحاها الله إليك, إذ لم تكن معهم حين اختلفوا في كفالة مريم أيُّهم أحق بها وأولى, ووقع بينهم الخصام, فأجْرَوْا القرعة لإلقاء أقلامهم, ففاز زكريا عليه السلام بكفالتها .
وعندما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصة يوسف عليه السلام قال تعالى : ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾ ( سورة يوسف الآية 102 ) أي : ذلك المذكور من قصة يوسف هو من أخبار الغيب نخبرك به -أيها الرسول- وحيًا, وما كنت حاضرًا مع إخوة يوسف حين دبَّروا له الإلقاء في البئر, واحتالوا عليه وعلى أبيه. وهذا يدل على صدقك ،وأن الله يُوحِي إليك .
وإذ كانت هذه الآيات دالة على أن القرآن ليس من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - فهي أيضا دالة على النبوة فهذه الأمور و الإخبارات المفصلة التي يفصلها تفصيلاً، لم يتمكن أهل الكتاب الذين في وقته ولا من بعدهم على تكذيبه فيها ولا معارضته من أكبر الأدلة على أنه رسول الله حق فلو كانت هذه الأخبار باطلة لكذبوه فهم أحرص الناس على تلقف أي شيء يصد الناس عن دعوته .
و لو كان القرآن تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم - و أنه شاعر أو كاهن أو تقول القرآن فالناس أمام أمرين إما أن يأتوا بمثله و من هنا جاء التحدي و إما أن يعجزوا عن ذلك ، وفي هذه الحالة يجب أن يعقلوا أنه معجز وأنه وحي من عند الله وأنه دليل على صدق النبوة .
ولو كان القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - لوجدنا في القرآن حضورا لشخصيته و مشاعره فالقرآن ليس نص فيزياء و لا نص رياضيات يغرق في الرموز بل هو نص يتحدث عن مشاعر و اعتقادات و حوادث و نظم مجتمعية و مثل هذا النوع من النصوص لابد أن نجد فيها ملامح مؤلفها خاصة اللحظات الصعبة التي مر بها في حياته كلحظة موت زوجته خديجة حيث لا نجد أي ذكر لهذا الحدث في القرآن ، ولا حتى بضع كلمات يبث فيها محمد حزنه عليها .
وهو الذي كان مرهف الحس ، وهو الذي حتى بعد سنوات طوال بعد موتها كان يذكرها فتدمع عيناه!!! فلما لم نجد حضورا لشخصيته و مشاعره في أحلك الظروف دل على أنه ليس من تأليفه ، وكيف يكون القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم ، هناك آيات فيه معاتبة له قال تعالى : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾ ( سورة عبس الآية 1 – 3 )
و كيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - و قد تنزل الآية فتنقض عملا من أعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى : ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ ( سورة الأنفال الآية 67 ) أي : لا ينبغي لنبي أن يكون له أسرى مِن أعدائه حتى يبالغ في القتل; لإدخال الرعب في قلوبهم ويوطد دعائم الدين, تريدون -يا معشر المسلمين- بأخذكم الفداء من أسرى "بدر" متاع الدنيا, والله يريد إظهار دينه الذي به تدرك الآخرة. والله عزيز لا يُقْهر, حكيم في شرعه .
و كيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - ،و يأمر القرآن محمد بأن يقول لأتباعه ما لا يمكن أن يقوله لو أنه كان يؤلف الكلام تأليفا قال تعالى : ﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ ( سورة الأحقاف الآية 9 ) .
و كيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - ، و القرآن مليء بالآيات الدالة على أن محمد - صلى الله عليه و سلم - رسول من رسل الله ، وليس صاحب القرآن قال تعالى : ﴿ وَ مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾ ( سورة ال عمران من الآية 144 ) ، و قال تعالى : ﴿ ّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾ ( سورة الأحزاب الآية 40 ) و قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾( سورة محمد الآية 2 ) .
و كيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - و شتان بين أسلوب القرآن و أسلوب محمد - صلى الله عليه وسلم - فأسلوب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - هو أسلوب معتاد للعرب في التخاطب ، ولكنه على درجة كبيرة من أساليب البلغاء المعهودة أما أسلوب القرآن فهو أسلوب يخالف أساليب العرب المعتادة ،و لا شبيه له من كلام العرب .
و لو خلطت سورة من سور القرآن أو آيات من آيات القرآن بمجموعة أخرى من كلام العرب لاستطعت أن تميز بسهولة بين القرآن و بين كلام العرب أما كلام النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فيمكن أن يتشابه أسلوبه مع أسلوب كلام العرب البليغ ولذلك كثيرا ما توضع الأحاديث كذبا على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم – و قد كثر الوضع في الحديث في الوعظ على ألسنة القصاص والوعاظ وعلى ألسنة العامة تبعا لذلك وانتشر في كتب الفقه والعقائد والتفسير والتاريخ والسير و المغازي و الوعظ ، ولذلك كان التحقق من صحة الأحاديث يعتمد اعتمادا كبيرا على سند الحديث .
و من المتعذر على الشخص الواحد أن يكون له أسلوبان في بيانه يختلف أحدهما عن الآخر اختلافا كبيرا فهذا مما لم يعهد عند أهل الأدب بل إذا أراد أحد الكتاب أن يخرج عن الأسلوب الذي هو متميز فيه إلى أسلوب آخر غير متميز فيه فلا بد أن يظهر في أسلوبه غير المعهود عنه التكلف ، ولا يمكن أن يتقن ذلك الأسلوب الثاني ، فما بالنا بالتفاوت الكبير بين أسلوب القرآن وأسلوب الحديث ؟! .
و نخلص من هذا أن القرآن الكريم لو كان من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وجدت آيات كثيرة تنص على أنه رسول و لما وجدت آيات كثيرة تتصدر بفعل الأمر قل و لما نزلت آيات كثيرة بعد طول انتظار و لما وجدت آيات كثيرة تعاتبه و عند مقارنة كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن نجد اختلافا كبيرا و كلام النبي استطاع بعض الناس معارضة بعضه أما القرآن فلم يستطع أحد معارضته ،و لو كان القرآن من عند النبي - صلى الله عليه و سلم - فلماذا يؤلف القرآن وينسبه إلى غيره ؟!!
يردد بعض المغرضين أن القرآن الكريم من تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم - و ليس من عند الله ، و هذه فرية يغني فسادها عن إفسادها فالقران بشكله وعباراته وحروفه وما احتوى عليه من علوم ومعارف وأسرار وجمال بلاغي ودقة لغوية هو مما لا يدخل في قدرة بشر أن يؤلفه إذ عجز فصحاء اللغة عن الإتيان بمثله .
بالإضافة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أميا، لا يقرأ ولا يكتب و لم يتعلم في مدرسة و لم يختلط بحضارة، ولم يبرح شبه الجزيرة العربية .
و كيف برجل أمي لا يستطيع القراءة ولا الكتابة ، وقد عرف عنه هذا في قومه واشتهر به ثم مع هذا الوصف إذا به يأتينا بهذا القرآن الذي يحوي من العلوم والمعارف ما لم يعلم به جميع البشر عبر كل الأزمنة ، فمن أين لـه ذلك إذا لم يكن نبياً مرسلاً من عند الله ؟
و صدق الله القائل في القرآن : ﴿ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ (سورة العنكبوت الآية 48 ) أي : من معجزاتك البينة -أيها الرسول- أنك لم تقرأ كتابًا و لم تكتب حروفًا بيمينك قبل نزول القرآن عليك, وهم يعرفون ذلك, ولو كنت قارئًا أو كاتبًا من قبل أن يوحى إليك لشك في ذلك المبطلون, وقالوا: تعلَّمه من الكتب السابقة أو استنسخه منها .
ثم يؤكد الله - جل وعلا - على هذا المعنى ، فيأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يذكّر قومه بأنه أمي ، وهم يعرفون عنه ذلك ويعرفون نشأته بينهم في محيط البيئة الأمية و أنه قد لبث فيهم أربعين عاماً ما كان يأتيهم بمثل هذا وما كان يستطيع، فأنى له الآن معرفة هذا العلم العظيم من تلقاء نفسه قال تعالى : ﴿ قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ ( سورة يونس الآية 16 ) أي : قل لهم -أيها الرسول-: لو شاء الله ما تلوت هذا القرآن عليكم, ولا أعلمكم الله به, فاعلموا أنه الحق من الله فإنكم تعلمون أنني مكثت فيكم زمنًا طويلا من قبل أن يوحيه إليَّ ربي, ومن قبل أن أتلوه عليكم, أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر ؟ .
وكيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وعندما يخبر ببعض الأخبار يخبر أنه ليس له طريق ولا وصول إلى هذا إلا بما آتاه الله من الوحي، كمثل قوله تعالى : ﴿ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ ( سورة القصص الآية 44 ) أي : وما كنت -أيها الرسول- بجانب الجبل الغربي من موسى إذ كلَّفناه أَمْرنا ونَهْينا, وما كنت من الشاهدين لذلك, حتى يقال: إنه وصل إليك من هذا الطريق .
ومثل قوله تعالى : ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ ( سورة ال عمرآن الآية 44 ) أي : ذلك الذي قصصناه عليك -أيها الرسول- من أخبار الغيب التي أوحاها الله إليك, إذ لم تكن معهم حين اختلفوا في كفالة مريم أيُّهم أحق بها وأولى, ووقع بينهم الخصام, فأجْرَوْا القرعة لإلقاء أقلامهم, ففاز زكريا عليه السلام بكفالتها .
وعندما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصة يوسف عليه السلام قال تعالى : ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾ ( سورة يوسف الآية 102 ) أي : ذلك المذكور من قصة يوسف هو من أخبار الغيب نخبرك به -أيها الرسول- وحيًا, وما كنت حاضرًا مع إخوة يوسف حين دبَّروا له الإلقاء في البئر, واحتالوا عليه وعلى أبيه. وهذا يدل على صدقك ،وأن الله يُوحِي إليك .
وإذ كانت هذه الآيات دالة على أن القرآن ليس من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - فهي أيضا دالة على النبوة فهذه الأمور و الإخبارات المفصلة التي يفصلها تفصيلاً، لم يتمكن أهل الكتاب الذين في وقته ولا من بعدهم على تكذيبه فيها ولا معارضته من أكبر الأدلة على أنه رسول الله حق فلو كانت هذه الأخبار باطلة لكذبوه فهم أحرص الناس على تلقف أي شيء يصد الناس عن دعوته .
و لو كان القرآن تأليف محمد - صلى الله عليه وسلم - و أنه شاعر أو كاهن أو تقول القرآن فالناس أمام أمرين إما أن يأتوا بمثله و من هنا جاء التحدي و إما أن يعجزوا عن ذلك ، وفي هذه الحالة يجب أن يعقلوا أنه معجز وأنه وحي من عند الله وأنه دليل على صدق النبوة .
ولو كان القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - لوجدنا في القرآن حضورا لشخصيته و مشاعره فالقرآن ليس نص فيزياء و لا نص رياضيات يغرق في الرموز بل هو نص يتحدث عن مشاعر و اعتقادات و حوادث و نظم مجتمعية و مثل هذا النوع من النصوص لابد أن نجد فيها ملامح مؤلفها خاصة اللحظات الصعبة التي مر بها في حياته كلحظة موت زوجته خديجة حيث لا نجد أي ذكر لهذا الحدث في القرآن ، ولا حتى بضع كلمات يبث فيها محمد حزنه عليها .
وهو الذي كان مرهف الحس ، وهو الذي حتى بعد سنوات طوال بعد موتها كان يذكرها فتدمع عيناه!!! فلما لم نجد حضورا لشخصيته و مشاعره في أحلك الظروف دل على أنه ليس من تأليفه ، وكيف يكون القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم ، هناك آيات فيه معاتبة له قال تعالى : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾ ( سورة عبس الآية 1 – 3 )
و كيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - و قد تنزل الآية فتنقض عملا من أعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى : ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ ( سورة الأنفال الآية 67 ) أي : لا ينبغي لنبي أن يكون له أسرى مِن أعدائه حتى يبالغ في القتل; لإدخال الرعب في قلوبهم ويوطد دعائم الدين, تريدون -يا معشر المسلمين- بأخذكم الفداء من أسرى "بدر" متاع الدنيا, والله يريد إظهار دينه الذي به تدرك الآخرة. والله عزيز لا يُقْهر, حكيم في شرعه .
و كيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - ،و يأمر القرآن محمد بأن يقول لأتباعه ما لا يمكن أن يقوله لو أنه كان يؤلف الكلام تأليفا قال تعالى : ﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ ( سورة الأحقاف الآية 9 ) .
و كيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - ، و القرآن مليء بالآيات الدالة على أن محمد - صلى الله عليه و سلم - رسول من رسل الله ، وليس صاحب القرآن قال تعالى : ﴿ وَ مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ﴾ ( سورة ال عمران من الآية 144 ) ، و قال تعالى : ﴿ ّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ﴾ ( سورة الأحزاب الآية 40 ) و قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾( سورة محمد الآية 2 ) .
و كيف يكون القرآن من عند محمد - صلى الله عليه وسلم - و شتان بين أسلوب القرآن و أسلوب محمد - صلى الله عليه وسلم - فأسلوب النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - هو أسلوب معتاد للعرب في التخاطب ، ولكنه على درجة كبيرة من أساليب البلغاء المعهودة أما أسلوب القرآن فهو أسلوب يخالف أساليب العرب المعتادة ،و لا شبيه له من كلام العرب .
و لو خلطت سورة من سور القرآن أو آيات من آيات القرآن بمجموعة أخرى من كلام العرب لاستطعت أن تميز بسهولة بين القرآن و بين كلام العرب أما كلام النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فيمكن أن يتشابه أسلوبه مع أسلوب كلام العرب البليغ ولذلك كثيرا ما توضع الأحاديث كذبا على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم – و قد كثر الوضع في الحديث في الوعظ على ألسنة القصاص والوعاظ وعلى ألسنة العامة تبعا لذلك وانتشر في كتب الفقه والعقائد والتفسير والتاريخ والسير و المغازي و الوعظ ، ولذلك كان التحقق من صحة الأحاديث يعتمد اعتمادا كبيرا على سند الحديث .
و من المتعذر على الشخص الواحد أن يكون له أسلوبان في بيانه يختلف أحدهما عن الآخر اختلافا كبيرا فهذا مما لم يعهد عند أهل الأدب بل إذا أراد أحد الكتاب أن يخرج عن الأسلوب الذي هو متميز فيه إلى أسلوب آخر غير متميز فيه فلا بد أن يظهر في أسلوبه غير المعهود عنه التكلف ، ولا يمكن أن يتقن ذلك الأسلوب الثاني ، فما بالنا بالتفاوت الكبير بين أسلوب القرآن وأسلوب الحديث ؟! .
و نخلص من هذا أن القرآن الكريم لو كان من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وجدت آيات كثيرة تنص على أنه رسول و لما وجدت آيات كثيرة تتصدر بفعل الأمر قل و لما نزلت آيات كثيرة بعد طول انتظار و لما وجدت آيات كثيرة تعاتبه و عند مقارنة كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن نجد اختلافا كبيرا و كلام النبي استطاع بعض الناس معارضة بعضه أما القرآن فلم يستطع أحد معارضته ،و لو كان القرآن من عند النبي - صلى الله عليه و سلم - فلماذا يؤلف القرآن وينسبه إلى غيره ؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق