هل نحلق اللحية من أجل أن بعض الكفار يعفونها ؟
إذا شرع لنا فعل من أجل مخالفة المشركين في الأصل فهذا لا يقتضي إذا وافقونا عليه في النهاية أن ندعه نحن لأن الحقيقة أن المشركين إذا فعلوا هذا الفعل الذي فعلناه مخالفة لهم فهم الذين تشبهوا بنا في ثاني الحال ؛ لأن الأصل أننا مأمورون بمخالفتهم حين التشريع .
مثلا أمرنا أن نعفي اللحية مخالفة لهم – لكن ليست هي العلة الوحيدة - فلا يحل لنا إذا أعفوا لحاهم أن نحلقها ؛ لأن وقت التشريع كانوا لا يعفون لحاهم فيجب علينا إعفاء اللحية سواء وفر الكفار لحاهم أم حلقوها، وإعفائهم لحاهم فهو من بقايا الدين الذي ورثوه عن إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كما ورثوا عنه الختان أيضًا .
و لو سلمنا جدلا موافقتهم لنا في شيء من شرعنا كإعفاء اللحية فهذا لا يقتضي أن نخالف شرعنا ، كما أن دخولهم في الإسلام أمر واجب عليهم ومحبوب لنا، ونحن مأمورون بدعوتهم إلى ذلك، ولا يقتضي ذلك خروجنا من الإسلام إذا دخلوا فيه حتى نخالفهم بل علينا أن ندعوهم إلى دين الله، وألا نتشبه بهم فيما خالفوا فيه شرع الله .
وشتان بين من يطلق اللحية عبادة إتباعا لسنة الإسلام وبين من يطلقها للمجرد التجمل، وإضفاء سمات الرجولة على نفسه، فالأول منقاد لعبادة يثاب عليها، إن شاء الله تعالى، والآخر يرتديها كالثوب الذى يرتديه ثم يزدريه بعد أن تنتهى مهمته.
إذا ثبت الحكم شرعاً من أجل معنى زال وكان هذا الحكم موافقاً للفطرة أو لشعيرة من شعائر الإسلام فإنه يبقى ولو زال السبب مثل الرَّمَل في الطواف كان سببه أن يُظهر النبيُّ- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه – رضي الله عنهم - الجَلَد والقوة أمام المشركين الذين قالوا إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حُمَّى يثرب، ومع ذلك فقد زالت هذه العلة، وبقى الحكم، حيث رَمَل النبي – صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع .
إذا شرع لنا فعل من أجل مخالفة المشركين في الأصل فهذا لا يقتضي إذا وافقونا عليه في النهاية أن ندعه نحن لأن الحقيقة أن المشركين إذا فعلوا هذا الفعل الذي فعلناه مخالفة لهم فهم الذين تشبهوا بنا في ثاني الحال ؛ لأن الأصل أننا مأمورون بمخالفتهم حين التشريع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق